الان مع الاستماع الى
روائع التلاوات تلاوات خاشعة ل الشيخ محمود عبد الحكم
الان مع تحميل
الشيخ محمود عبد الحكم
من الجنوب، ومن ذات المحافظة التي أنجبت المقرئ عبدالباسط عبدالصمد، محافظة قنا بصعيد مصر، ولد مقرئنا قبل الشيخ عبدالباسط بسبعة أعوام وتوفي قبله بستة أعوام.. مقرئ عابد زاهد.. منَّ الله عليه بصوت متميز.. تحس في صوته برنة حزن شكلت مع قوة نبراته حالة من الخشوع التام خلال تلاوته، لاسيما مع ما حباه الله من "قرار" عميق و"جواب" سليم.. هذا هو الشيخ محمود عبدالحكم، الذي لم تنجح الأضواء في أن تحرمه زهده وعزوفه عن الشهرة.. تعالوا نتعرف إلى مسيرته مع التنزيل الحكيم.
كانت قرية "الكرنك" التابعة لمركز أبو تشت بمحافظة قنا، على موعد يوم الاثنين 17 ربيع الأول 1333هـ الموافق الأول من فبراير عام 1915م، مع ميلاد الشيخ محمود أحمد عبدالحكم، الذي نشأ في أسرة متدينة، فقد كان والده من أبرز علماء بلدته المشهود لهم بالعلم والحكمة، والذي حرص بدوره على إلحاق ابنه بكتاب القرية منذ صغره، فأتم حفظ التنزيل الحكيم قبل بلوغ العاشرة من عمره، ولاحظ المقربون منه جودة صوته وتميزه بنبرة خاصة قوامها الخشوع الممزوج بالحزن، فشجعه الأهل وشيوخه على تعلم أصول القراءة وقواعدها، فكان يرتل القرآن ويجوده وسط تشجيع الأهل وفرحتهم الغامرة بحلاوة صوته وإتقانه التلاوة دون رهبة، وحينما لمس والده تفانيه في التلاوة وحرصه على إتقان أساليبها، ألحقه بالمعهد الأحمدي بمدينة طنطا التي تبعد عن قريته أكثر من 600 كيلو مترا، فلم تنل الغربة من عزيمته، فمكث في المعهد عامين اكتسب خلالهما الكثير من علوم القراءات ومقامات التلاوة، ومن ثم التحق بالأزهر الشريف في القاهرة لينهل من علومه عامين آخرين.
زاهد في عرض الدنيا
في القاهرة، احتك الصبي "محمود" بأساطين التلاوة، وتلمس بدأب طريق العلماء، وحرص على أن يكون أول الحاضرين إلى مجالسهم، فنهل من علومهم الكثير، وحرص أيضا إبان تلك الفترة على تقليد كبار قراء عصره بشكل نال استحسان الناس والمعارف الذين شجعوه على المضي في طريق التلاوة، حتى طافت موهبته الأفاق، وكما غزا القاهرة طلبا للعلم فقد غزا قلوب مستمعيه من أهلها بصوته الشجي، فنال حبهم لاسيما أنه وهب نفسه لخدمة القرآن، فقد كان زاهدا في عرض الدنيا، متنزها عن طلب الأجر على قراءته، راغبا في العطاء الأوفى من الرزاق الكريم، فصدع بتلاوته في مشارق الأرض ومغاربها ابتغاء مرضاة الله ملتزما بالأداء السليم، حتى أصبح من قراء عصره المتميزين.
وفي عام 1940 شارك مع رموز التلاوة المشايخ علي محمود ومحمد رفعت والصيفي وغيرهم في إنشاء أول رابطة لقراء القرآن الكريم، واختير أمينا للصندوق بها، قبل أن يتقدم للامتحان أمام لجنة اختبار القراء بالإذاعة المصرية، وأثناء تلك الفترة شجعه الشيخ محمد رفعت وطلب منه التقدم لاختبار الإذاعة، فكان ذلك وتم اعتماده بها في العام 1944م، فانطلق صوته بالتنزيل الحكيم عبر الأثير إلى أرجاء العالم الإسلامي كافة، كما تناقلت تلاواته العديد من الإذاعات العربية والأجنبية وإذاعات الشرقين الأدنى والأقصى.
بعدها مباشرة عين مقرئا بمسجد الأشراف بالغورية، ثم انتقل إلى مسجد السيدة نفيسة قارئا للسورة، واختير عضوا بمشيخة المقارئ المصرية برئاسة الشيخ عامر السيد عثمان في عهد الدكتور زكريا البري وزير الأوقاف الأسبق.. وتلك المشيخة أسست وقتها لبحث كيفية النهوض بخدمة كتاب الله الكريم قراءة وتلاوة وحفظا وتفسيرا وطباعة وتسجيلا.
وقد طاف الشيخ معظم بلدان العالمين العربي والإسلامي إحياء لليالي رمضان الكريم، فزار كل البلاد العربية بلا استثناء وعلى رأسها السعودية التي كان يداوم على الحج والعمرة سنويا، كما سافر إلى الهند وماليزيا والملايو وسنغافورة وسيئول بكوريا الجنوبية.