منهج التفسير فيه
فقد وفي القرطبي بما شرط على نفسه في هذا التفسير، فكانت طريقته أنه:
1. يعرض لذكر أسباب النزول، والقراءات، والإعراب، ويبين الغريب من الألفاظ.
2. يحتكم كثيراً إلى اللغة، ويكثر من الاستشهاد بأشعار العرب.
3. ويرد على المعتزلة، والقدرية، والروافض، والفلاسفة، وغلاة المتصوفة.
4. لكنه لم يسقط القصص بالمرة، بل أضرب عن كثير منها؛ فقد روى أحيانا ما جاء من غرائب القصص الإسرائيلي.
5. كان ينقل عن السلف كثيراً مما أثر عنهم في التفسير والأحكام، مع نسبة كل قول إلى قائله.
6. كما كان ينقل عن كثير ممن تقدمه في التفسير ، خصوصاً من ألف منهم في كتب الأحكام. فنقل عن ابن جرير الطبري، وابن عطية، وابن العربي، وأبو بكر الجصاص .
----------------------------------------------
القرطبي والمسائل الفقهية
يعتبر هذا التفسير أكثر التفاسير سرداً للمسائل الفقهية وأجمعها، وقد أطال القرطبي جداً في بعض المواضيع، فانظر مثلاً كلامه عن الإمامة الكبرى وهي الخلافة، وذلك في سورة البقرة الآية (30) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ.
ومع أن القرطبي كان مالكي المذهب إلا أنه لم يكن متعصباً لمذهبه المالكي، بل كان يمشي مع الدليل حتى يصل إلى ما يراه صواباً أياً كان قائله.فمثلاً عند تفسير قول القرآن:(أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) يقول في المسألة الثانية عشرة من مسائل هذه الآية بعد أن ذكر خلاف العلماء في حكم من أكل في نهار رمضان ناسياً، وما نقل عن مالك من أنه يفطر وعليه القضاء يقول:" وعند غير مالك ليس بمفطر كل من أكل ناسياً لصومه، قلت: وهو الصحيح، وبه قال الجمهور" .فأنت ترى أنه بذلك يخالف مذهبه وينصف الآخرين.