الان مع الاستماع الى
شرح العقيدة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية
-فضيلة الشيخ العلامة عبدالرحيم الطحّان
الان مع تحميل الشرح
تعريف بالشيخ العلامة عبدالرحيم الطحان
هو الشيخ العلامة الحافظ المُتقن المُحقق السّلَفي أبو حمزة عبد الرحيم بن أحمد بن محمود طحان النعيمي الحَلَبي، نُقل عن بعض أهل حلب أنّ نسبه يرجع إلى آل البيت الطيبين، من علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.
من كبار علماء العصر وأحد خيارهم، صاحب عبادة وزهد وورع، شديد التواضع مع طلبة العلم، كثير اللهج بذكر الله جل وعلا والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام -، عظيم التعلق بالسلف وأئمة المسلمين، يغضب غاية الغضب عندما يتم الانتقاص منهم أو التقليل من علمهم، ذو تمسّك شديد بسنّة النبي صلى الله عليه وسلم في مظهره ومخبره نحسبه والله حسيبه، شديد الغَيرة على حدود الله ومحارمه، يصدع بالحق ولا يخاف لومة لائم، ذو خشوع وإخبات يُلمس من دروسه ومواعظه، وله في باب الوعظ والرقائق القدح المعلى يشهد له كل من عرفه.
درس العلامة عبد الرحيم الطحان مرحلة الابتدائي في المملكة العربية السعودية، ومرحلة المتوسط في حلب الشام، والجامعة في المدينة المنورة تحديداً في الجامعة الإسلامية، وقد أخذ الأول على طلاب الجامعة، ثم أكمل دراسات العليا في الجامع الأزهر، وحصل فيها على الدكتوراه بمرتبة الشرف، وقد استقر به المُقام في دولة قطر، وهومتوقف حاليا عن إلقاء الدروس والمحاضرات لأسباب نسأل الله يُفرّجها عاجلا غير آجل.
تلقى العلم من علماء كثر منهم:
1- العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله (صاحب أضواء البيان)،
وهو يُحبّه ويحتفي بكلامه ويُكثر النّقل عنه.
2- العلامة محمد أبو الخير زين العابدين رحمه الله.
3- العلامة عبد الرحمن زين العابدين رحمه الله.
4- العلامة محمد المختار الشنقيطي رحمه الله والد العلامة محمد المختار الشنقيطي المدرس في الحرم المدني.
5- الشيخ عبد الله سراج الدين رحمه الله.
دروس الشيخ عبدالرحيم فريدة النوع، ولا يوجد فيما نعلم من يُلقي الدروس والمواعظ بنفس طريقته، فدائما ما تكون ثرية بالعلم والتحقيق والتدقيق والتأمل والتوثيق، ولا تخلو لحظة فيها غالبا من فائدة، إضافة إلى فصاحة وبلاغة وحُسن اختيار للكلام، ومن عرف علم الشيخ الغزير وفهمه الدقيق استغرب أن يكون مثل هذا الشيخ غير معروف عند كثير من طلبة العلم، فالشيخ مُتفنّن في شتّى علوم الشريعة ولا يُعلم أنّه متخصص في عِلم.
حصل للشيخ عبدالرحيم سوء تفاهم مع بعض العلماء الكرام، وهذا حال البشر على مرّ الأزمان، فقد يبتلي الله المؤمن بأخيه، والكل مجتهد فيما ذهب إليه، وقد وقع مثل هذا بين كثير من أئمة السلف، منه على سبيل المثال ما وقع بين الإمام مالك والإمام ابن أبي ذئب وما بين الإمام الذهلي والإمام البخاري، وما بين ابن حزم وكثير من أقرانه، بل قد حصل الخلاف بين الصحابة أنفسهم، وموقف طالب العلم من الجميع أن يستغفر لهم ويُحسن
بهم الظن ويلتمس لهم العذر، وما وافق الحق بدليله اتبعه، ولا يجوز التعصب لطرف دون آخر، طالما أنّ الجميع في دائرة الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح، وقدأثنى على دروس الشيخ عبدالرحيم وأشرطته عدد من أهل العلم ولعل أبرزهم الشيخ عبدالله الجبرين – رحمه الله -، ومَن أراد الحُكم على الأشخاص وخصوصا العُلماء فيلزمه الإحاطة بقدر كافي من نتاجه العِلمي ليُميّز المُحكم في كلامه من المُتشابه، ولا يصحّ الاكتفاء بمقاطع أو محاضرات قليلة من مجموع سيرته العِلمية، فالانسان قد يهِم وقد يغضب وقد ينفعل وقد ينسى وقد يُغيّر رأيه، فلا بُدّ من الاستقصاء في مثل هذا، وفي نفس الوقت يُلتمس العذر لمن اجتهد وحكم بناءً على ما ظهر له وهو يُريد الدّفاع عن السُنّة، ونرجو من الله أن يغفر لعلماء المسلمين وأن يوفقهم للحقّ والصّواب.
تقريرات الشيخ في العقيدة والتوحيد والإيمان والجهاد والسمع والطاعة وغيرها هي عين ما في كُتُب أهل السنّة والجماعة، وما تواتر من اعتقاد أئمة المسلمين وسلفهم الصالح، ولا يُعلم بأنّ الشيخ قد انفرد برأي، وهو لا يصدر - في كُلّ ما يُقرر – إلا عن أئمة أهل السُنّة الثقات الأثبات، ويُربّي طلابه على هذا ويُحذّرهم من الخروج عن أئمة المسلمين غاية التحذير، ولا نعلم أنه جاء بما يُخالف دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب في الجُملة، بل إنّه يُثني عليه ويعزو إليه ويستدلّ بما في كتبه على صحّة بعض آرائه، وهذه دروس الشيخ ومحاضراته يُمكن الرجوع إليها للتحقق من هذا، وكذلك موقفه من شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، فطالما أثنى عليهما وأشاد بهما واستشهد بما في مؤلفاتهما، وحاشاه أن يكون قد ذمّهما بشيء، وقد قرّر الشيخ وكرّر في غير موضع أنّه لا يخرج عن علماء السلف وأئمتهم، وأنّه مُحتكمٌ إلى ما فهموه من الكتاب والسنة في كل صغيرة وكبيرة، وأنّه يُقدّم أقوالهم وأحكامهم واختياراتهم على من سواهم.
ومن أراد الوقوف على شيء مُختصر من تقريرات الشيخ في العقيدة والمنهج وغيرها، فليتابع صفحة ( مقاطع اليوتيوب ) و ( منوعات علمية ) في أعلى الموقع، فإننا قد جمعنا فيها بعض المُقتطفات من دروس الشيخ ومحاضراته، وفيها تبيين لمنهجه السلفيّ وعقيدته السُنيّة – نحسبه والله حسيبه -، والشيخ أصلاً يُفتي بعدم جواز الخروج عن السّلف في الأصول والفروع وفي الحديث وعلومه، ويُعارض التجديد في أيّ باب، ويدعو إلى الاكتفاء بما قرّره السّلف فحسب، وما أُخذ عليه في مسألة التبرّك؛ فينبغي أن يُعلم أنّه ليس التبرّك المعهود اليوم عند الصوفية، وإنما هو من جنس ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ( كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يبعث إلى المطاهر فيؤتى بالماء فيشربه يرجو بركة أيدي المسلمين )، والحديث في مجمع الزوائد 1/214، ورواه أبو نعيم في حلية الأولياء، وأصله مروي مختصراً في مصنف عبد الرزاق، وهو أصلٌ في المسألة عند الشيخ عبدالرحيم، وهو عنده في درجة الحسَن وإن كان بعضهم يُضعّفه.
ثُمّ إنّ الشّيخ لا يستحبّ هذا فضلاً عن أن يوجبه، ولا يُثرّب على من يُفتي بحرمته بل يقول إنّه على هدى، وغاية ما في الأمر أنّه يرفض القول ببدعيّة هذا الأمر لا سيّما وأنّه مُعتضدٌ بدليل صحيح عنده وقد نُقل عن أئمة كالنووي وابن حجر والذهبي وغيرهم؛ فهو يعتبره في حيّز الجائز، ودفاعه عن هذا القول لا يتعدّى هذا الحدّ، وكذلك بعض المسائل الأُخر التي أُثير حولها كلام، هو في جميعها مُتابعٌ لبعض أئمة أهل السنّة، ويُمكنكم الاستماع إلى مقطع بعنوان ( بيان وجهة نظر الشيخ في بعض المسائل التي أُثيرت حوله ) في قسم المنوّعات العلمية.
وأمّا موضوع المذاهب والتمذهب، فهذا في سياق دعوته إلى لزوم السّلف الصالح، وهو يرى بأنّ الكتاب والسنّة بفهم السّلف قد تبلور في المذاهب المُتّبعة التي تتابعت عليها الأمّة لقرون، لأنّ هذه المذاهب مُعتمِدة في الأصل على الكتاب والسُنّة، وفتح الباب لكلّ أحد أن يستنبط من الكتاب والسُنّة ما هو خارج هذه المذاهب يؤدّي إلى الفوضى، ويصبح هناك أنداد للأئمة الأربعة كلٌّ لديه مذهب، فلكي تنضبط الأمّة يجب أن تلتزم بما تقرّر عند أئمتها، ولكنّ ذلك لا يعني بأنّه يدعو إلى الالتزام الحرفي بالمذهب، إنّما المُهمّ عنده عدم الخروج عن السّلف وعلى رأسهم الأئمّة الأربعة، وما دلّ عليه نصّ وقال به إمام فقد اكتسب الحُجيّة.
هذه بعض المَعالم المُقتضبة حول طريقة الشيخ عبدالرحيم، وبقي أن يُعلم أنّ الشيخ حادّ الطبْع، شديد العبارة عند الرّد، وهذه طبائع البشر التي فطرهم الله عليها، فأبو بكر موصوف اللين، وعُمَر معروف بالقوّة والشدّة، والمُهمّ عندنا ما يقرّره ويدعو إليه.
نسأل الله أن يوفق الشيخ عبدالرحيم الطحان وجميع علماء المسلمين إلى كل خير وسداد، وأن يجمع كلمتهم على الإيمان والتوحيد والسُنّة، إنه ولي لك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ؛؛؛